عندما يتحرك سوق النفط بناءً على السياسة وليس المنطق
مرة أخرى، اهتزّ سوق النفط، لكن هذه المرة ليس بسبب نقص في الإمدادات أو ارتفاع مفاجئ في الطلب، بل لمجرد تأجيل بسيط أعلنه ترامب! نعم، الرئيس الأمريكي السابق الذي كان يغيّر اتجاه الأسواق بتغريدة واحدة فقط. من دون توقيع أي اتفاق أو فرض عقوبات جديدة، اكتفى بالقول إن المفاوضات مع أوروبا تم تأجيلها، وهذا وحده كان كفيلاً بدفع أسعار النفط إلى الأعلى.
بعد هذا الإعلان، ارتفع خام برنت إلى 65.17 دولاراً، واستقر خام غرب تكساس الوسيط عند 61.86 دولاراً. لم يكن هناك أي تغيير كبير في العرض أو الطلب، ومع ذلك، تفاعل السوق كعادته مع الإشارات السياسية. وهذا يُظهر مدى هشاشة السوق أمام الأخبار السياسية.
في الوقت نفسه، شنّ ترامب هجوماً إعلامياً على روسيا، واصفاً بوتين بأنه “مجنون تماماً”، وألمح إلى فرض عقوبات جديدة. تزامن هذا مع أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا، مما دفع الولايات المتحدة لإعادة طرح فكرة العقوبات من جديد. وهذا يعني للمستثمرين في النفط مزيداً من القلق بشأن الإمدادات العالمية.
وفي المقابل، ما تزال المفاوضات النووية مع إيران راكدة، وعودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية لا تزال في حالة انتظار. أما في أمريكا، فقد أظهرت البيانات الأخيرة انخفاض عدد منصات الحفر إلى 465 منصة، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر 2021، مما يشير إلى احتمال تباطؤ نمو الإنتاج خلال الأشهر القادمة.
ومع اقتراب عطلة يوم الذكرى في الولايات المتحدة، بدأ المستهلكون بشراء احتياطي، ما رفع الطلب على المدى القصير.
في جانب آخر، تترقب الأسواق الاجتماع القادم لتحالف أوبك+، حيث من المتوقع أن تتم إضافة حوالي 400 ألف برميل يومياً في يوليو، ما قد يكون بداية لنهاية خفض الإنتاج الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يومياً. لكن مع التوترات السياسية في واشنطن وموسكو وفيينا، يصعب التنبؤ بما سيحدث.
في النهاية، أصبح من الواضح أن أسعار النفط لم تعد تتحرك بناءً على العرض والطلب فقط. اليوم، تصريح واحد من سياسي كفيل بتغيير اتجاه السوق. القوة الحقيقية باتت في يد من يعرف كيف يؤجل اللعبة، حتى وإن لم يكن ينوي إنهاءها.